في ظل تصاعد وتيرة الهجمات الرقمية في المنطقة، برزت مجموعة "جوكر 07X" كأحد أبرز الجهات التي تتحكم في ديناميكيات الحرب الإلكترونية، من خلال سلسلة اختراقات استهدفت عدداً كبيراً من المؤسسات الحكومية والبنكية في عدة دول.
مسار طويل من التحديات الإلكترونية
ليست المرة الأولى التي تظهر فيها هذه المجموعة المغربية على الساحة الرقمية. فمنذ بداياتها، نهجت منهجاً واضحاً يجمع بين التحدي التقني والدوافع السياسية. تترك بصمتها دائماً عبر رسائل توضح موقفها من القضايا الجيوسياسية العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بمواقف بعض الدول الداعمة لإسرائيل خلال الأحداث الأخيرة في قطاع غزة.
ومؤخرًا، لم تقتصر على الحدود التونسية فقط، بل امتدت إلى الهند مستهدفة إحدى المنصات الثقافية البارزة، وهي "ديكوارت"، مما يعكس توسع نطاق عملياتها وتعقيد أدواتها بشكل متزايد.
تصاعد حدة العمليات مع مرور الوقت
انطلقت الحملة الإلكترونية ضد الكيانات التونسية منذ مطلع العام، لكنها شهدت تحركاً متسارعاً في نهاية شهر مايو الماضي، عندما تم اختراق بنك سلام الجزائري، وهو ما أعلنته المجموعة بنفسها عبر حسابها على منصة "إكس".
ثم جاءت موجة أغسطس لتؤكد تصاعد وتيرة النشاط، مع الإعلان عن اختراق تسعة مواقع هندية واستخراج بيانات حساسة منها، بالإضافة إلى استهداف منصة تداول عملات رقمية مرتبطة بكيان إسرائيلي، وتسريب بيانات العملاء المسجلين عليها.
تأثير عابر للحدود
وبحسب ما أكدته تقارير موقع Zone-XSEC، فإن "جوكر 07X" لم تكتفِ باستهداف منطقة واحدة، بل تعدّت ذلك لتشمل منصات في فرنسا وألمانيا، وحتى الولايات المتحدة وكندا، مما يدل على التنوع الجغرافي في أهدافها.
لكن تونس كانت الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات، حيث أشار الخبير أسامة بن الحاج دحمان إلى أن أكثر من 80 منصة تونسية قد تعرضت للاختراق نتيجة هذا النشاط المتواصل، بما في ذلك بوابة البيانات المفتوحة، ومنصة التدريب الإلكتروني الجمركي، والشركة التونسية للكهرباء والغاز، والمكتب الوطني للسياحة، وبوابة التشغيل المحلية.
كما طالت الهجمات مؤسسات مالية كبرى مثل البنك الوطني الفلاحي، وبنك الأمان، والمؤسسة التونسية للصرافة، وبنك دار المساهمات، ما يعكس حجم الثغرات الأمنية التي تواجه البنية الرقمية للبلاد.
ردود فعل متباينة من الخبراء
على الرغم من خطورة الوضع، إلا أن الهجمات فتحت باب النقاش داخل المجتمع السيبراني التونسي حول ضعف البنية الدفاعية الرقمية. وفي هذا السياق، نشر الباحث آدم كوكي تحليلًا مفصلاً على حسابه في LinkedIn، حيث رصد عدداً من الثغرات الرئيسية في النظام الحكومي، من بينها استخدام كلمات مرور غير آمنة، وعدم تحديث الإضافات والقواعد البيانات، إلى جانب نقص الاستثمار في أنظمة الحماية الحديثة.
ماذا بعد؟
مع استمرار تطور استراتيجية "جوكر 07X"، يبقى السؤال الكبير هو: إلى أين ستتجه المجموعة بعد ذلك؟ هل تستهدف دولاً جديدة؟ أم تركز على تعميق ضرباتها في البلدان الحالية؟ كل المؤشرات تشير إلى أن المشهد السيبراني سيظل متأرجحاً تحت وطأة هذا النوع من التهديدات، وأن التعاون الدولي والتحديث المستمر لأنظمة الحماية أصبح ضرورة لا غنى عنها.
- المزيد: احذر من أكبر عملية احتيال في التاريخ تصيب حسابات جيميل