في قصة إنسانية فريدة تجسد معاني العطاء والتضحية، نجح ممرض مغربي في إنقاذ حياة سيدة حامل وطفلتها الذي رأت النور في ظروف استثنائية، حيث اجتمعت تحديات الطبيعة مع عزلة جغرافية قاسية لتعقد مهمة إنقاذ الأم وجنينها.
الواقعة، التي شهدتها منطقة جبلية بجنوب شرق المغرب يوم الأحد الماضي، أثارت إعجاب الآلاف عبر منصات التواصل الاجتماعي في المملكة، لما تضمنته من مشاهد إيثار وشجاعة تعكس قوة الروح الإنسانية في مواجهة التحديات.
بدأت القصة عندما اتصلت سيدة مغربية حامل بالمركز الصحي "آيت حمو وسعيد"، الواقع في منطقة نائية بإقليم تِنغير، بعد أن شعرت بألم شديد حال دون تمكنها من الانتقال إلى أقرب مركز صحي. وعلى الفور، تم إرسال الممرض الشاب إلياس الشتيوي إلى منزلها حوالي الواحدة ظهراً. عند وصوله، اكتشف أن السيدة دخلت مرحلة المخاض المتقدم، ما استدعى ضرورة نقلها فوراً إلى مستشفى مجهز لتلقي الرعاية المناسبة.
لكن، ومع الأسف، كانت السيول الغزيرة قد غمرت الطرق، مما جعل الوصول إلى المستشفى أمراً مستحيلاً. في تلك اللحظة الحرجة، وجد الممرض نفسه مضطراً للتعامل مع وضع طارئ في ظروف مناخية قاسية وعزلة شبه كاملة عن العالم الخارجي.
في خطوة مبتكرة، لجأ إلياس إلى تقنية الفيديو للتواصل مباشرة مع قابلات المستشفى الإقليمي وممرضة متخصصة من المركز الصحي "أمسمرير" لتلقي التعليمات والإرشادات حول كيفية التعامل مع الحالة. وعلى الرغم من نقص المعدات والضغط النفسي الكبير، واصل الشاب جهوده لأكثر من ساعة، حتى تكللت محاولاته بنجاح باهر مع ولادة طفلة بصحة جيدة حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً.
ولم ينتهِ دور الممرض عند هذا الحد؛ فقد حرص على مراقبة حالة الأم والمولودة عن كثب، متحدياً البرد والعزلة، حتى تحسنت الأحوال الجوية وتمكن من توفير وسيلة آمنة لنقلهما إلى مركز صحي قريب لاستكمال الرعاية اللازمة.
هذه القصة الملهمة لم تسلط الضوء فقط على المهارة والإخلاص اللذين أظهرهما الممرض إلياس الشتيوي، بل أكدت أيضاً على أهمية التكاتف الإنساني واستخدام التكنولوجيا بطرق مبتكرة لتجاوز التحديات، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من نقص في الموارد والخدمات الصحية.